القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار الاخبار

الهند على خطى الصين لتوفير الكساء للعالم

إيمي كازمين من نيودلهي

في مكتب حديث وأنيق في الطابق الأرضي من مصنع للغزل والنسيج الذي بناه جده عام 1931، يقوم سانجاي لالبهاي، سليل واحدة من أقدم شركات الغزل والنسيج في الهند، بدراسة تجربة يمكن أن تحدث ثورة في صناعة الملابس في الهند - ودعم اقتصادها المتعثر.

لالبهاي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لارفيند ميلز، أخذ درساً من الصين ويريد بناء مصنع كبير للملابس وإرفاقه بمساكن للعمال للمساعدة في التغلب على نقص العمالة المزمن في صناعة النسيج الهندية وزيادة إنتاج شركته من 12 مليون قطعة إلى 50 مليونا في السنة.

وقال لالبهاي في مقابلة مع ''فاينانشيال تايمز'': ''لا يمكنني بناء مصانع كبيرة جداً في الهند إلا حين أتكمن من حل هذا. لا يتوافر العمال في مكان واحد. وإنما يجب عليهم القدوم من المناطق المعتلة في البلاد وعليَّ إيواؤهم في منازل لطيفة داخل حرم المصنع التابع لي''.

ويبحث فريق من أرفيند في كيفية تصميم وإدارة مساكن لعمال يراوح عددهم بين ألفين وأربعة آلاف، وستكون الأولى من نوعها في صناعة الغزل والنسيج في الهند. لكن لالبهاي مقتنع بأن تأمين السكن للعمال هو السبيل الوحيد لصانعي الملابس الهندية لتأمين ما يكفي من القوى العاملة للوفاء بالطلب المتزايد من شركات التجزئة الغربية.

وعلى الرغم من القوى العاملة الضخمة والشابة في الهند، إلا أن صناعة الملابس في الهند تكافح لإظهار إمكاناتها، فهي مثقلة بنقص الطاقة الكهربائية الدائمة التعطل وضعف البنية التحتية وارتفاع معدل خروج العاملين والتفكك. لكن مع ارتفاع التكاليف في الصين وتزايد المخاوف بشأن ظروف العمل في بنجلادش، تبحث الشركات الهندية الآن عن استراتيجيات جديدة للاستفادة مما تعتبره فرصة سانحة.

وقال جوتام ناير، العضو المنتدب لشركة ماتريكس للملابس، التي تمد شركات التجزئة الغربية، مثل ميسي ودبنهامز: ''الهند والصين هما البلدان اللذان لديهما القدرة على كساء العالم. لقد أخفقت الهند، لكن هذا وقتها''.

والهند بالفعل هي ثالث أكبر مصدر للنسيج والملابس في العالم، بعد الصين والاتحاد الأوروبي. وحتى الآن تبلغ مبيعاتها السنوية في الخارج 32 مليار دولار وبشكل متأخر كثيراً عن الصين التي تقدر مبيعاتها بمبلغ 260 مليار دولار والاتحاد الأوروبي 193 مليار دولار. أما تركيا وبنجلادش، بعدد سكان يشكل نسبة بسيطة من سكان الهند، فلديهما صادرات تبلغ نحو 23 مليار دولار و21 مليار دولار، على التوالي.

والحكومة التي يقودها حزب المؤتمر في الهند عازمة على دعم الصادرات لخفض عجز واسع في الحساب الجاري، ساهم في هبوط حاد في قيمة الروبية، وهي ترى في صناعة الملابس المجال الذي يمكن أن تظهر فيه نتائج سريعة.

ويشير كافورو سامباسيفا راو، وزير المنسوجات الذي تم تعيينه أخيرا، إلى أن الصادرات الهندية من المنسوجات والملابس الجاهزة تستطيع أن تصل إلى 43.5 مليار دولار في السنة المالية الممتدة من نيسان (أبريل) إلى آذار (مارس) وهي زيادة بنسبة 30 في المائة عن العام الماضي - إذا تمت إزالة القيود.

وظلت الهند على مدى عقود تفرض قيودا على مقدار المال الذي يمكن استثماره في مصانع الملابس، ما اضطر الشركات الكبيرة إلى إقامة عديد من الوحدات الصغيرة، بدلا من المصانع المتكاملة والأكبر حجما – وهو ما كبد الكفاءة تكلفة عالية.

وتم إلغاء هذا القانون، لكن لا تزال الصناعة مجزأة للغاية، ويرجع ذلك جزئياً إلى قوانين العمل الصارمة التي تجعل عملية تسريح العمال من المصانع الكبيرة شبه مستحيلة.

كذلك تحظر الهند العمل أكثر من 48 ساعة في الأسبوع وأكثر من 50 ساعة من العمل الإضافي لكل ثلاثة أشهر، ما يشكل عائقاً شديداً لهذه الصناعة التي تعتمد عادة على العمل الإضافي للوفاء بمواعيد التسليم الضيقة في فترات الذروة. كذلك القوانين تمنع النساء من العمل ليلاً وهذه مشكلة أخرى. لكن سيتم إزالة هذه العوائق قريباً، وفقاً لراوٍ.

وعملية توظيف العمال لاتزال تشكل تحدياً كبيرا. وتتردد العديد من العائلات الهندية الريفية في السماح لبناتها غير المتزوجات بالهجرة من أجل العمل.

ومع أن بعض مصانع الملابس تقع في المناطق الريفية وتستقطب العمال من تلك القرى المجاورة، إلا أن وحدات المصانع الكبيرة لا تعتبر مثل هذه الاستراتيجيات ذات جدوى بالنسبة لها. والسكن في المدن الكبيرة حيث توجد مصانع أكبر يعتبر مكلفاً، خصوصا أن كثيرا من المهاجرين ينفقون رواتبهم بالكامل على تكاليف المعيشة. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مساكن للعمال، ولالبهاي ليس الوحيد الذي فكر في ذلك، إذ تخطط الحكومة الهندية أيضا لبناء مدن متكاملة للنسيج، يمكن أن توفر مساحة يتم تخصيصها لإسكان العمال.

وإدارة مساكن العمال في الهند ستكون محفوفة بالصعوبات، نظراً للتنوع اللغوي والثقافي الواسع والحساسية العالية حول قضايا أمن المرأة.

لكن لالبهاي عازم على العمل على إنجاح ذلك، حتى لو كان يعني أن أول مصانع مع مساكن سيكون جميع عمالها من الذكور.

وقال: ''علينا أن نرى ما يجب وما لا يجب فعله حيال الظروف الهندية. لكن الفرصة التجارية كبيرة (...) والمنسوجات أمام فرصة رائعة، لأن المصانع أصبحت مكلفة في الصين للغاية. ويفترض أن تفوز الهند بسبب ذلك''.

هل اعجبك الموضوع :